يعرفن أنها خرافات.. ويصدقنها!
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
يعرفن أنها خرافات.. ويصدقنها!
لخرزة الزرقاء تقي من عيون الحساد، وتعليق حدوة حصان على مدخل البيت يجلب الحظ، وصوت نعيق الغربان يوحي بالخراب... وغير ذلك من خرافات شكلت جزءًا من المعتقدات الشعبية، وراحت الأجيال تتناقلها حتى عصرنا هذا.
وإذا كانت الجدات قد اعتقدن بها ومارسن بعض طقوسها؛ بسبب ظروف اجتماعية وثقافية متعددة، فما بال الكثير من شابات اليوم، المتعلمات اللواتي يعشن عصر العلوم والتكنولوجيا والانفتاح الثقافي، مازلن يحملن عقلية الجدات ويصدقن الكثير من الخرافات؟!
فجأة بدأت غدير تعاني من طفح جلدي غريب الشكل، ولم تدع بابًا لطبيب إلا وطرقته؛ بحثًا عن علاج لتشوه يديها الجميلتين، وحين أعيتها الوسيلة قررت أن تلجأ إلى وصفة جدتها، التي كانت تقول إن السبب في ظهور الطفح الجلدي هو تعرضها لموقف مخيف ومفاجئ، وعليها أن تستخدم «طاسة الرجة»، أو الرعشة، أو الخضّة، أو الرعبة، كما هو متعارف عليها في البلاد العربية، وهي عبارة عن طبق صغير من المعدن، يوضع بعض الماء فيه، وبعض المكسرات مثل الزبيب، ويتم وضع الطبق في الليل معرضًا لضوء القمر، وفي الصباح قبل شروق الشمس تشربه على الريق، هذه الوصفة اتبعتها غدير وهي تضحك قائلة: لم أحصل على نتيجة سوى سخرية زوجي مني، ولكني كنت مرغمة على اتباع هذه الوصفة، كما تؤكد غدير أن هذه ليست هي الوصفة الأولى التي تجربها، وهي تعرف جيدًا أنها «خرافة».
رغيف خبز وإبريق ماء
نيفين أيضًا استخدمت خرافة أخرى؛ فقد كانت طفلتها الرضيعة لا تكف عن البكاء، ونصحتها جارتها العجوز بأن تضع رغيفًا من الخبز وإبريقًا من الماء فوق رأسها في أثناء نومها؛ لكي تطعم الذين يحرسونها وبذلك يبعدون عنها الشر، تقول نيفين: عملت بنصيحة جارتي العجوز، واستمر وضع ابنتي كما هو، ولكنني لم أتوقف عن ممارسة نصيحة جارتي، بل كررتها مع جميع أبنائي.
فأل سيئ
فكيهة، وهي فلسطينية من جذور مصرية، تصرخ فزعة حين تضع ابنتها على أرض المسجد، وتأتي إحدى الصبايا أو البنات لتمر من فوقها، تقول فكيهة: هذه عادة غير مستحبة، وفأل سيئ بالنسبة للطفلة، وقد لا تكبر وتموت في مهدها، وبرغم أن فكيهة لا تحمل شهادة جامعية، فإنها تشترك مع غدير ونيفين في ممارسة هذه الخرافات وتصديقها.
وتقول أيضًا: تشاجرت مع زوجي حين عاد للبيت في اليوم الثاني لولادة ابنتي، وهو حليق الذقن، ويحمل كيلوغرامًا واحدًا من اللحم الطازج؛ لأن هذا فأل سيئ للطفلة، كما سمعت طبعًا من أمها وجاراتها.
بودرة العفريت!
تمام منصور، في السادسة والخمسين من عمرها، وهي ربة بيت، تؤكد أنها لا تتنازل عن «الخرافات»، ضاحكة ومستسلمة ومعترفة وتقول: البخور والشبة وبودرة العفريت وعرق الحلاوة وشرش الزلوع كلها لا تختفي من بيتي؛ لطرد الحسد والعين والشر، رغم أني أعلم جيدًا أنها خرافات، ولكنني وجدت أمي تستخدمها، وعلمت بناتي الشابات على استخدامها، وتردف أم محمد أن هذه الأمور من المسلم بها ولا يمكن الإقلاع عنها؛ لأنها تنتقل من جيل إلى جيل، وليست وليدة اللحظة، ولا يمكن أن تكون مبتكرة، فهي قديمة وموروثة، رغم ما فيها من مغالطات، ورغم ما قد تحمله من انعكاسات.
خرزة زرقاء وملابس حمراء
أما من جيل الشباب فتؤكد ندى عاشور (24 سنة)، خريجة جامعية، أنها تحاول الهروب من الخرافات، ولكنها لا تستطيع؛ لأنها تحاصرها في كل مكان، خاصة أنها حين تتعثر في دراستها تعزو أمها ذلك للعين والطق والنق؛ أي الحسد، ولا تتردد لحظة عن تعليق الخرزة الزرقاء في صدرها، وكذلك رش البيت ورش غرفتها بماء الورد، وكذلك تعليق حدوة الحصان في مدخل الغرفة، وتؤكد ندى أن هذه الخرافات لا تستطيع أن تمنع دخولها إلى حياتها؛ كي لا تغضب أمها، ولا تنسى ندى إصرار أمها على أن ترتدي ملابس حمراء حين أصيبت بالحصبة في طفولتها وتدهور وضعها الصحي؛ نتيجة عدم تلقيها أي علاج آخر سوى هذه الوصفة الغريبة، التي أشارت بها جارة بدوية طاعنة في السن.
مروة خالد، في الرابعة عشرة من عمرها، تقول إنها لا تشرب الماء أبدًا من كأس مشروخة بناء على تحذيرات أمها، كما أنها لا تمضغ العلكة «اللبان» ليلاً بناء على تحذيراتها أيضًا.
تقول مروة إنها لا تعرف السبب من وراء هذه التحذيرات، ورغم معرفتها أنها خرافات فهي لا تخالف أمها خوفًا من المجهول حسب تعبيرها، رغم سخرية بعض زميلاتها منها، وتأييد بعضهن الآخر.
سلطة الخرافة على العقل
الباحث الفلسطيني نبيل علقم يقول عن الخرافة والأسطورة: «لقد شنّ الإسلام حربًا على الأسطورة والخرافة، ونمط التفكير الأسطوري الناتج عنهما والمتصل بهما، والذي ما زلنا نعاني من سلطته في الثقافة العربية على عقولنا وأشكال سلوكنا، فيصدق كثيرون الدجالين والمشعوذين الذين يعلنون، في كتبهم، وعلى صفحات الصحف، وعلى شاشات التلفزيون، خرافاتهم التي تتخذ أشكالاً متنوعة من الخبر الطريف إلى الإعلان عن قدرة المشايخ (والعلماء) عن قراءة المستقبل، وحل مشاكل الإنسان العاطفية وغير العاطفية، في تدليس وكذب.
وإذا كانت الجدات قد اعتقدن بها ومارسن بعض طقوسها؛ بسبب ظروف اجتماعية وثقافية متعددة، فما بال الكثير من شابات اليوم، المتعلمات اللواتي يعشن عصر العلوم والتكنولوجيا والانفتاح الثقافي، مازلن يحملن عقلية الجدات ويصدقن الكثير من الخرافات؟!
فجأة بدأت غدير تعاني من طفح جلدي غريب الشكل، ولم تدع بابًا لطبيب إلا وطرقته؛ بحثًا عن علاج لتشوه يديها الجميلتين، وحين أعيتها الوسيلة قررت أن تلجأ إلى وصفة جدتها، التي كانت تقول إن السبب في ظهور الطفح الجلدي هو تعرضها لموقف مخيف ومفاجئ، وعليها أن تستخدم «طاسة الرجة»، أو الرعشة، أو الخضّة، أو الرعبة، كما هو متعارف عليها في البلاد العربية، وهي عبارة عن طبق صغير من المعدن، يوضع بعض الماء فيه، وبعض المكسرات مثل الزبيب، ويتم وضع الطبق في الليل معرضًا لضوء القمر، وفي الصباح قبل شروق الشمس تشربه على الريق، هذه الوصفة اتبعتها غدير وهي تضحك قائلة: لم أحصل على نتيجة سوى سخرية زوجي مني، ولكني كنت مرغمة على اتباع هذه الوصفة، كما تؤكد غدير أن هذه ليست هي الوصفة الأولى التي تجربها، وهي تعرف جيدًا أنها «خرافة».
رغيف خبز وإبريق ماء
نيفين أيضًا استخدمت خرافة أخرى؛ فقد كانت طفلتها الرضيعة لا تكف عن البكاء، ونصحتها جارتها العجوز بأن تضع رغيفًا من الخبز وإبريقًا من الماء فوق رأسها في أثناء نومها؛ لكي تطعم الذين يحرسونها وبذلك يبعدون عنها الشر، تقول نيفين: عملت بنصيحة جارتي العجوز، واستمر وضع ابنتي كما هو، ولكنني لم أتوقف عن ممارسة نصيحة جارتي، بل كررتها مع جميع أبنائي.
فأل سيئ
فكيهة، وهي فلسطينية من جذور مصرية، تصرخ فزعة حين تضع ابنتها على أرض المسجد، وتأتي إحدى الصبايا أو البنات لتمر من فوقها، تقول فكيهة: هذه عادة غير مستحبة، وفأل سيئ بالنسبة للطفلة، وقد لا تكبر وتموت في مهدها، وبرغم أن فكيهة لا تحمل شهادة جامعية، فإنها تشترك مع غدير ونيفين في ممارسة هذه الخرافات وتصديقها.
وتقول أيضًا: تشاجرت مع زوجي حين عاد للبيت في اليوم الثاني لولادة ابنتي، وهو حليق الذقن، ويحمل كيلوغرامًا واحدًا من اللحم الطازج؛ لأن هذا فأل سيئ للطفلة، كما سمعت طبعًا من أمها وجاراتها.
بودرة العفريت!
تمام منصور، في السادسة والخمسين من عمرها، وهي ربة بيت، تؤكد أنها لا تتنازل عن «الخرافات»، ضاحكة ومستسلمة ومعترفة وتقول: البخور والشبة وبودرة العفريت وعرق الحلاوة وشرش الزلوع كلها لا تختفي من بيتي؛ لطرد الحسد والعين والشر، رغم أني أعلم جيدًا أنها خرافات، ولكنني وجدت أمي تستخدمها، وعلمت بناتي الشابات على استخدامها، وتردف أم محمد أن هذه الأمور من المسلم بها ولا يمكن الإقلاع عنها؛ لأنها تنتقل من جيل إلى جيل، وليست وليدة اللحظة، ولا يمكن أن تكون مبتكرة، فهي قديمة وموروثة، رغم ما فيها من مغالطات، ورغم ما قد تحمله من انعكاسات.
خرزة زرقاء وملابس حمراء
أما من جيل الشباب فتؤكد ندى عاشور (24 سنة)، خريجة جامعية، أنها تحاول الهروب من الخرافات، ولكنها لا تستطيع؛ لأنها تحاصرها في كل مكان، خاصة أنها حين تتعثر في دراستها تعزو أمها ذلك للعين والطق والنق؛ أي الحسد، ولا تتردد لحظة عن تعليق الخرزة الزرقاء في صدرها، وكذلك رش البيت ورش غرفتها بماء الورد، وكذلك تعليق حدوة الحصان في مدخل الغرفة، وتؤكد ندى أن هذه الخرافات لا تستطيع أن تمنع دخولها إلى حياتها؛ كي لا تغضب أمها، ولا تنسى ندى إصرار أمها على أن ترتدي ملابس حمراء حين أصيبت بالحصبة في طفولتها وتدهور وضعها الصحي؛ نتيجة عدم تلقيها أي علاج آخر سوى هذه الوصفة الغريبة، التي أشارت بها جارة بدوية طاعنة في السن.
مروة خالد، في الرابعة عشرة من عمرها، تقول إنها لا تشرب الماء أبدًا من كأس مشروخة بناء على تحذيرات أمها، كما أنها لا تمضغ العلكة «اللبان» ليلاً بناء على تحذيراتها أيضًا.
تقول مروة إنها لا تعرف السبب من وراء هذه التحذيرات، ورغم معرفتها أنها خرافات فهي لا تخالف أمها خوفًا من المجهول حسب تعبيرها، رغم سخرية بعض زميلاتها منها، وتأييد بعضهن الآخر.
سلطة الخرافة على العقل
الباحث الفلسطيني نبيل علقم يقول عن الخرافة والأسطورة: «لقد شنّ الإسلام حربًا على الأسطورة والخرافة، ونمط التفكير الأسطوري الناتج عنهما والمتصل بهما، والذي ما زلنا نعاني من سلطته في الثقافة العربية على عقولنا وأشكال سلوكنا، فيصدق كثيرون الدجالين والمشعوذين الذين يعلنون، في كتبهم، وعلى صفحات الصحف، وعلى شاشات التلفزيون، خرافاتهم التي تتخذ أشكالاً متنوعة من الخبر الطريف إلى الإعلان عن قدرة المشايخ (والعلماء) عن قراءة المستقبل، وحل مشاكل الإنسان العاطفية وغير العاطفية، في تدليس وكذب.
قلب حنون- عضو ذهبي
- عدد المساهمات : 104
تاريخ التسجيل : 19/08/2011
رد: يعرفن أنها خرافات.. ويصدقنها!
يسلموووووووووووووووووووو كتير
سيدة الاحساس- عضو ذهبي
- عدد المساهمات : 102
تاريخ التسجيل : 19/08/2011
العمر : 34
الموقع : الاردن
سيدة الاحساس- عضو ذهبي
- عدد المساهمات : 102
تاريخ التسجيل : 19/08/2011
العمر : 34
الموقع : الاردن
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى